عن نهاية المرحلة الفرنسية... البديل الأزمة!؟


 

القصة: "يروى أنه في صبيحة الانقلاب على المرحوم المختار ولد داداه قال له الضباب إن الجيش قد نزع منه الثقة،  غالبا ما يخطر في بالي سؤال هل أصحاب الانقلاب حينها هم الذين وضعوا الثقة في الرئيس المختار فعلا؟".

إن الدولة التي لم تعد تملك الطاقة الكافية للصراع من أجل حلفائها وجب الكف عن التخندق في مدارها والسعي وراءها.

وفرنسا بما هي جزء من المنظومة الدولية التقليدية كانت في وقت ما قادرة على تحقيق بعض المكاسب لحلفائها الفرانكفونيين بالذات،  ولكنها في الوقت الحالي تحولت إلى واقع جديد كليا، يجعلها لا تملك القدرة على منافسة دول جنوب شرق آسيا (الصين، اليابان، كوريا الجنوبية...)، التي ليس لها طموح يذكر في جمع الحلفاء والأتباع.

وهو ما يجعل الرهان على فرنسا في أي مشروع مستقبلي لمنقطة الساحل سيخسر بالضرورة، ففرنسا المنسحبة مؤخرا من مالي والتي قاطعت ورجعت للعمليات مع الجيش المالي، كما  تواجه صعوبة في إدارة مصالحها في المنطقة، لا يمكن التعويل عليها للتأثير فيها، فهي فاشلة في إقناع المجتمع الدولي، جمع تمويل لقوة الساحل منذ قرابة الخمس سنوات، كما أنها لم تستطع تقديم رهانات تذكر للدول الخليجية للاستثمار في مجموعة دول الساحل ولو عسكريا، والكل يعرف الطموح العسكري لهذه الدول سواء في آسيا أو غيرها.

كما أن تورط فرنسا في مستنقع الفساد الإفريقي والانقلابات التي كانت ومازالت تدريها من اجل إبقاء الطغاة على كراسيهم، وهو ما ساهم في نفاذ رصيدها مع الشعوب، هذا مع التآكل الحرج للغة الفرنسية في المنطقة، ويمكن النظر إلى الإقبال على تخصص اللغة الفرنسية والانجليزية والصينية على سبيل المثال في جامعة نواكشوط، حتى نجد أن اللغة الفرنسية أصبحت تخصصا غير مرغوب بشكل كبير، وهو ما يعني عدم جاذبية فرنسا كوجهة للأجيال الحالية من الأفارقة.

التباكي الذي تظهره بعض النخب تمسكا بفرنسا وحرصا على العلاقة بها، هو جزء من المشكل بالأساس، إذ أن  فرنسا لم تبني يوما علاقة مع الشعب بل كانت علاقتها مع الحكام، والقصور، وإدارة الأزمات التي يواجهون لحمايتهم أطول وقت ممكن من غضب شعوبهم، ولم تهتم يوما بأزمات الشعوب وذلك منذ زمن "كميات، جميع لقرامة أو "العشر" كما سمي ليستساغ دفعه، إلى التدخل المشين في ليبيا أثناء وبعد الثورة الليبية على القذافي.

 

إن المشروع الأبرز لمواجهة التطرف العنيف في المنطقة وهو قوة الساحل الذي تصدرته فرنسا من اليوم الأول ولم تستطع أن تجذب له دول مهمة ولو بصفة الحليف مثل "الجزائر والسنغال...الخ"، كما أنها  لم تستطع حسم صراع مالي  التي رفعت فيه الدولة تقريبا منذ سنوات، أو حسم مشكل دولة أزواد  الذي تقف ضده الجزائر بشكل بارز، هذا مع تركها الصراع حول الملف الصحراوي لإسبانيا بشكل شبه كامل، كما تواجه مشاكل حقيقية من اجل التعايش الداخلي في المجتمع الفرنسي خاصة في ظل القرارات الأخيرة التي توجه ضد مسلمي فرنسا بشكل كبير...الخ.

كما أن الرؤساء الموالين للإليزيه شارفوا على نهايتهم ويخرجون واحدا تلو الآخر بطرق غير مشرفة، وبالتالي فان الجيل الحالي من الحاكم الذين سيتصدرون القارة في بداية العقد القادم، سيكونون أكثر إيمانا بالعالمية وهو ما يجعل دولة كفرنسا ليست خيارا يذكر على الإطلاق، ما لم يحدث تغير جذري في الجمهورية السادسة.

أزمتنا أننا نعيش في دول جاثية والدول في مثل هذه الأوضاع كالغريق تبحث عن أي فرصة للنجاة، لذلك نوقع اتفاقية في روسيا، وأخرى في فرنسا، في نفس الأسبوع الذي يتسلم الرئيس -قبل سفره- أوراق اعتماد السفيرة الأمريكية، هذا الارتباك الدبلوماسي هو نتيجة طبيعية للوضع الحرج  على المستوى الحكامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والذي نعيش منذ سبعينيات القرين الماضي.

للعبرة

"التنباش ألا أفبل الكب" مثل شعبي حساني 



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وقفة مع رواية الأستاذ الشيخ نوح "أدباي"

لقبيلة في تجليّاتها المُختلفة.......عبد الودود ولد الشيخ

سياسات التشغيل في موريتانيا و دورها في الحد من البطالة