رواقية النخبة (عن النخب التي نحتاج)
إن الشخص الذي لا ينحاز إلى الحق العام قد ضيع عمره
في خدمة شيء زائل مهما طال أمده.
***
إن الأزمة الكبرى التي النخبة هي حالة الانطوائية التي تحكم سلوكها و هو ما جعلها
تتمركز في نقطة واحدة أو جهة واحدة هي
المركز، فليس هناك أي علاقة بين النخب و الأطراف و كأن هذه النخب هي نخب أنجبها
المركز من اجله و هو ما يساهم في ضمور
الجسم و تورم الرأس، و الذي لو استمر الحال على ما هو عليه سيموت حتما لأنه زيادة
على أن النخب هي رأس مقطوع حقيقة ولا علاقة له بالواقع، فان هذا الجسم لم يعد
قادرا على إيصال أي نوع من الأكسجين (المشاكل التي يعيش المجتمع) للنخب التي تزداد انطواء و ابتعاد و مركزية و
تزيد من الالتفاف حول ذاتها المتجسدة في المركز (السلطة) .
هذا النمط من النخب يفشل عادة في إبراز نفسه كحاجة
بالنسبة للحاكم أو المركز و هو ما بجعل
وجوده و خطابه مرهوب بمدى رضى ذلك المركز أو تلك المركزيات المتشاكسة في ما بينها،
أي أن فرصة تسويقه كنخبة وسطا و تمرير الفكر الذي يفرض به نفسه على الحاكم من خلال مكانة ذلك
المنتوج في نفوس الشعب و في الفضاء العام تكون هذه الفرصة قد ماتت.
للأسف اليوم أصبحت النخب أكثر بعدا عن كل شيء و أقل
قدرة على تحمل المسؤولية يفضل الحياد أو عدم الانحياز للأطراف أو المتروك خوفا من عداء
السلطة، الذي ينتج نخبا أكثر ولاء للحكام و خضوعا للسلطة في حين تتخارج تماما مع
الصالح المجتمعي العام الذي هدفه اختيار السلطة المناسبة لخدمة المجتمع خدمة
مباركة تحقق دولة العدل و مجتمع المساواة،
و النخب التي لا تقوم بدورها المجتمعي إنما تضيع
على نفسها فرصة أن تكون قوة اقتراحيه لبناء دولة المنابر المسموعة و إتاحة الفرصة
لنفسها من اجل نقل المشاكل إلى الفضاء
العام و تصدر خطاب الإصلاح العام الذي ينشد التعبير عن كل الأصوات و الآراء في ذلك
الفضاء العام الذي يحترم فيه كل إنسان مدى سلطة الآخر و صوته طالما لم يؤثر على
مدى حرية إيصال أصوات الآخرين.
ليس مطلوبا من النخب خاصة العالمة منها إن تكون جزء
من نضال الميدان، ولكن من المهم أن تكون هذه النخب في قمرة قيادة الحراك الاجتماعي و التحو ل السياسي الذي
يعش المجتمع، فالنخب كفاعل يجب أن تكون جزء من هذا الانتقال الذي يعرفه المجتمع و
لا يجب أن تترك تصدر المجال للأفراد الأكثر حركية و الأقل وعي أو من يمكن الاصطلاح
عليهم ب "صناع الرأي على منصات التواصل الاجتماعي، الجمعيات الخيرية، و
متصدري المنابر الإعلامية ... واجهات التأثير).
ختاما ...
يصنف من نخبة المساجين ذلك الشخص الذي لديه جرائم
بشعة أكثر و قتل أكثر و تاجر أكثر بالمخدرات، و له سلطة في شوارع أكثر، و هذا
الشخص الذي يتمنى كل المساجين وخاصة المتهمين بجرائم الاغتصاب و الذين يصنفون من أراذل
من في السجن، هو نفسه في نظر من مهم في قاع المجتمع مجرد حثالة في مكان حثالة.
المقصود بالنخب هنا هو ذلك الشخص القادر على جعل صوته
يؤثر و يغير مهما كان مدى قوته و حتى المكان الموجود فيه، المهم أن يكون هناك شخص
مستعد للتعبير عن هموم الهامش بين يدي أي سلطان و في كل مكان، هذا النوع من
الأشخاص يستحق "أن نلتف حوله جميعا".
تعليقات
إرسال تعليق