الرئاسيات المنتظرة في موريتانيا... المرشحون و ماذا بعد ؟
الشيخ الحسن البمباري
استهلال ...
إن الشعوب و السياسيين الذين يختارون مرشحا
دون قراءة برنامجه، قد اختاروا أن يسلكوا أسوأ طريق في السياسية.
---
منذ إعلان الرئاسة الموريتانية رفضها بشكل
قطعي لأي مطالبات بمأمورية ثالثة لصالح الرئيس محمد ولد عبد العزيز، عاد الجدل عن
الخليفة المحتمل لولد عبد العزيز في الوقت الذي كانت فيه المعارضة تستعد منذ فترة
للإعلان عن مرشح موحد بين جميع أطيافها، لم يطل انتظار جناح الموالاة بإعلان
اختيار وزير الدفاع و قائد أركان الجيوش الموريتانية محمد ولد الغزواني مرشحا عن
الأغلبية، فيما استمر الترقب لمرشح المعارضة الذي طال انتظاره و قدمت له العديد من
الأسماء، إلا أن المفاجأة التي لم يتوقع الشارع قد حصلت حين أعلنت المعارضة عن
فشلها في الاتفاق على مرشح موحد بالرغم من توقيعها اتفاقا مبدئيا بشأن الدعم
المتبادل.
فشل المعارضة في الترشيح الموحد فتح الباب
أمام اختلاف و تنوع في المرشحين، بالرغم ن انه لم يشكل أي جديد يذكر فقد تقسمت
المعارضة إلى قديمة و حديثة و أثبتت الاجتناب الاجتماعي الذي يحكم المجال الفضاء
العام الموريتاني، فالأحزاب الزنجية التفت حول كان حاميدو بابا في حين توزعت
الأحزاب الأخرى على بقية المرشحين.
بعد ترشيحه و خطاب وصف بالجذاب جدا عاد
فسطاط محمد الشيخ محمد احمد الغزواني إلى ممارسة نفس العادات القديمة التي كانت
تمارس في الطرف الحاكم، فالخطاب حول إكمال مسيرة سلفه و الزيارات المكوكية التي
وصفت بالحلمة الانتخابية السابقة لأوانها، إضافة إلى التفاف طغمة من رجال المال و
قبائل المصالح حول الرجل، و هوما جعل منه المرشح الذي يمثل السلطة الحالية بكل
صفاته، دون ان يختفي ذلك الصوت الذي يتوقع من الرجل أن يكون مختلفا مع سابقه و أن
يكون أكثر مرونة و فاعلية،
إلا أن خطاب المرشح مازال خطابا لم يتبلور
بعد و بالرغم من كثرة الانضمامات فان البرنامج الانتخابي و المشروع السياسي للرجل
لم يعلن و هو ما يعني أن المنضمين لا يبحثون عن مشاريع حقيقة و لا تهم المرشح بقدر
ما يبحث عن رهان شبه مضمون للحفاظ على مصالح
فردية لا غير.
في الطرف الآخر و الذي يمكن الحديث عنه في
كليته "كمعارضة" لم يفهم قيمة تكتيل المصالح في وجه ما تصفه بالتغول
السياسي لجهات السلطة، ففي نظرة بسيطة إلى المرشحين يمكن إدراك مدى الشتات الذي
تعيشه المعارضة الموريتانية، و التي قدمت مجتمعة أربعة مرشحين، -في حين كان ولد
محمد لقظف يسحب ترشحه بحجة الحفاظ على الموالاة التي يعتقد انه جزء منها- هذه المقارنة البسيطة يمكنها أن تلخص لنا بأي
فهم تتعامل المعارضة مع الرئاسيات 2019 .
فرصة تكتيل المصالح التي ضيعت المعارضة في الشوط
الأول من الانتخابات، يمكن استغلالها بالشوط الثاني – في حال حصل- و صار شوط ثان و
هو أمر لا يبد راجح مع الحديث عن ستة مرشحين و احتمال دخول مرشح سابع،
خطاب المعارضة ليس فيه من التجديد إلا أن
يستغل مرشح الحديث عن بعض القضايا التي تجاهل المرشح الأخر فمن ولد سيدي محمد ببكر
إلى بيرام الداه اعبيد وصولا لمحمد ولد
مولود، لم يظهر هناك أي تغير يذكر في الخطاب الذي تصدرته قضية العدالة الاجتماعية
و التغيير و طغت فيه قضايا الحراطين و ديون الشيخ الرضا،
هذا الخطاب بالرغم من انه بدا ملامسا
لأحلام الفقراء قريبا منهم إلا انه يظهر
الكثير من الحربائية السياسية التي تحكم
التنظير السياسي الموريتاني الذي لا ينتج سياسيين يصنعون قضايا بقدر ما ينتج يقدم
قضايا يتبعها السياسيون، هذه بالذات سيكون لها تأثير كبير على الساحة السياسية
الموريتانية خاصة مع قوة ظهير الشعوب الأوحد الميديا الاجتماعية كقوة ضغط و احتجاج
تتجاوز الكل و تتيح الكثير من وسائل الضغط.
المرشح كان حاميدو بابا و المرشح نور
الدين محمدو مرشحين اخرين قيد الاعداد حسب
بعض الجهات، لا يبدو أن و لهم حظوظا كبيرة
في الفوز ولكن قد يكونون المستفيدين الأكبر في ما بعد الانتخابات خاصة إن حققوا
نتائج تذكر في صناديق الصوت الشوط الأول، فيما تبدو مواقف المعارضة الأخرى محسومة
كليا في حال حث شوط ثاني حيث من المتوقع إنجاح التجمع الذي فشلت المعارضة فيه في
الشوط الأول.
يبدو ولد ببكر و ولد الغزواني هما المرشحان
الرئيسيان و صاحبي الحظوظ الأكبر في الفوز، و لكن ذلك مربوط بجدية اكبر في الخطاب،
خاصة أن مساحة تمحيص الخطابات باتت أوسع بكثير في ظل سيطرة الميديا الاجتماعية، و
هو ما يظهر بشكل كبير في الأيام الماضية حيث توجه المرشحون إلى الفيسبوك كما بدا
بعض الداعمين في شرح دوافع اختيارهم و كذلك عقد ولد ببكر للقاء مع المدونين و
الصحفيين.
المتغير الأخر ليس الجدية في الخطابات و
إنما الواقعية أيضا فحقيقة أي وعود في أي برنامج لن تكون في صالح المرشح الذي
يتجاهل الواقعية في الوعود في ظل ملل سياسي عام في الفضاء السياسي، و هنا بالذات
فان البرامج الجاهزة لن تكون لها قيمة بقدر ما سيخلق من الابتكار و التجديد قوة
مهمة في ظل وجود كم كبير من الناخبين على الكنبة.
للعبرة ...
في بلي موريتانيا حين يتزوج أي رجل فهو لا
يختار شريكة حياة ليسكن إليها، بقدر ما يتزوج من جمع من الناس ليعرضوا عليه
مشاكلهم الشخصية ليشغل وقته بحلها.
تعليقات
إرسال تعليق