إني أتحدث عن إيكيون كوظيفة اجتماعية
طالعت مقالا للزميل و الصديق أحمد سالم عابدين ، وقد كان المقال رائعا بما تعنيه الكلمة من معنى سواء من حيث زاوية المعالجة أو الاطلاع على حيث النقاش التي تقيد بكل أسس الموضوعية ، السطور التي اكتبها اليوم ليست ردا على مقال صديقي بل هي محاولة ليكون النصف الثاني للمقال الذي كتبه أحمد سالم عابدين ، مع أن كتابات هاو مثلي لن تصل بأي حال مستوى كتابات الأستاذ ولد عابدين و بالرغم من هذا الاعتراف فاني مصر على المحاولة .
*******
[إهاب أشرع لخلي الركبة ] مثل حساني .
تكرس التقسيمة الاجتماعية المبنية على ما يعرف في علم الاجتماع بالدور الاجتماعي ، (و هو الوظيفة التي يوكلها المجتمع لمختلف عناصره كل على حدة خدمة للنسق الاجتماعي العام) ، يكرس هذا التقسيم تراتبية اجتماعية في المجتمع الحساني (نسبة إلى للهجة الحسانية) ، حيث يوجد في القبيلة أو الجهة تقسيم شبه نمطي من قبيلة إلى أخرى و من جهة إلى أخرى ، فإلى جانب الزاوي الذي كان يقوم بالعملية التربوية و العربي الذي كان يتولى العملية الأمنية و الحرطاني الذي كان يهتم بالعملية الاقتصادية وجد إيكيو كفاعل في هذا المجتمع ولم يكن دوره مجرد تنفيس ثقل الحياة عن البقية الأخرى بقدر ما كان مخلدا للتاريخ و جزء من ماضي هذا المجتمع و حاضره ، و مع ما يسميه أوغيست كونت عمليات الإبدال في النسق الاجتماعي للعناصر التي لم تعد قادرة على القيام بدورها الاجتماعي بشكل صحيح فان هذا الإبدال طال عدة أدوار ، فلم يعد (أستعريب) اليوم غاية في حد ذاته (بوجود مؤسسة عسكرية ومن المفارقة أن قائدها وقت كتابة هذه السطور زاوي من الطريقة القظفية ) ، كما أن (أستزوي) هو الآخر بات ينحصر بشكل كبير (باعتبار وجود المدارس كإبدال له ) بل حتى تغير المفهوم إلى مجموعة من الممارسات الطقوسية و التابوهات أكثر من كونها شيئا على ارض الواقع ، فيما أصبح دور لمعلم كجهة صانعة مهددا بسبب (ماركة صنع في الصين) و التي كانت الإبدال الخارجي الذي فرض نفسيه على موريتانيا الدولة .
في هذا المجتمع بقيت مكانة إيكاون بعيدا عن الجدل الديني و لم تكن هذه المكانة مثارا للنقاش فقد بقي الفنانون بمفهومهم الموسيقي على الأقل ضمن التركيبة الاجتماعية ، فاعتقد أن ليس في موريتانيا احد لم يسمع (توبي من ذ الفن عذبت لحرار هذ النحية من موجبات النار ) ، و يعرف القائل و لمن قيلت له أيضا ، فعدى عن التهجم الواضع على المادة الفنية فان هذا القول يضع حدودا غابت في بعض الخطابات الدينية بين الفعل و الفاعل ، هذا دون نسيان أقوال و إن كانت من خارج المالكية ترى أن الموسيقى (حلالها حلال )، وهنا معروف ما الذي غناه ايكاون في موريتانيا ، و نوع المجالس التي يحضرون و دورهم الاجتماعي الراسخ ، و هو ما يفسر عدم اندماجهم في سوق الفيديو أكليب و شركات البيع و الشراء الموسيقي الذي أمها عدد من غير المنحدرين من سلالة ايكاون في مفارقة واضحة "أن الأسر الفنية الموريتانية لا تمارس فنها من أجل المال و إنما وظيفة اجتماعية) على ما يحيط النظام الاجتماعي به هذه الوظائف فكما هو شائن على الزاوي أن يكون فنانا فإن (أستعريب) كذلك كان في عيون الآخرين مجرد بطش و حرابة و هكذا ... .
إن إيكيو الموريتاني اليوم ( سليل الأسر الفنية المعروفة) ينظر إليه كجزء من ذلك التاريخ الرمزي للظواهر الاجتماعية لهذا البلد و تزداد قيمته تاريخيا مع امتداد عمرها ، لأنه كمعلم ثقافي لا يختلف بشيء عن ذاك التاريخ الذي يثر جدلا في مختلف الحضارات فكما المزارات و المتاحف و الخيام و المدن التاريخية يجب احترام "إيكاون" ليس كقيمة تاريخية ذات بعد إنساني و وليس كردة فعل لتلبية حاجة اجتماعية في وقت ما و إنما كقيمة أخلاقية أيضا ،" فلا فضل لعربي على عجمي الا بالتقوى " و توزيع صكوك الغفران عدى انه ليس فعلا في إطار المنظومة الإسلامية ، فانه كذلك ليس لعبد من سبيل على عبد آخر .
تعليقات
إرسال تعليق