قوة الورقة البيضاء في التعديلات الدستورية

تدخل موريتانيا في تعديلات دستورية وشيكة ، بعد الصعقة التي مثلها رفض الغرفة العليا في البرلمان الموريتاني -التي تسير إلى الحل بسبب التعديلات التي أسقطت- ، مما دفع إلى المادة 38 من الدستور و 
بالتالي إلى الخيار الشعبي ، و مع ذلك فان هذه التعديلات القادمة تضع الكثير من الأوراق الحرجة على الطاولة ، فعدى أنها استفتاء على ولد عبد العزيز مشروعا و شخصا و أن كلفتها المالية أكبر من انعكاساتها على  داعميها ، فإنها تعطي الفرصة للضغط في ملفات أرقت البلاد في الفترة الماضية ، من قبيل إعدام كاتب المقال المسيء و إعادة ترتيب التوازن بين الخزانات الانتخابية إضافة إلى حسم خلافة ولد عبد العزيز أو الاستمرار مأمورية ثالثة ، هذا الجدل يأتي على صوت مجموعة ثالثة تطالب بالوجود على اللوائح الانتخابية ولكن من اجل التصويت الأبيض.
1 – زمن المشاركة السلبية
تهدد الكثير من التيارات التي أعلنت رفضها للتعديلات بإفشال مشروع التصويت و لكن المنتدى و بعض الأحزاب المعارضة الأخرى اثبتوا جميعا فشلهم أمام ولد عبد العزيز منذ أول انتخابات إلى اليوم ،  إلا أن هذه القوى انضافت إليها قوة داعمة في محاولة للي ذراع الحكومة خاصة حين أعلنت بعض الجهات عن ما سمته المشاركة بالحياد إن لم يتم إعدام ولد امخيطير ، هذه الأخيرة و التي اثبت قدرتها على الحشد من خلال ما عرف بتيار النصرة قد تغير الكثير في التوازنات إذا لم تستجب لها الحكومة الساعية إلى تمرير التعديلات بأي ثمن .رجال النصرة والذين يمرون بأول اختبار حقيقي لشعبيتهم وقدرتهم على الوفاء بوعودهم فإنهم مضرون إلى الحفاظ على مصداقيتهم الشعبية من خلال الحفاظ على وسم #الإعدام_للمسيء ، بالرغم من عدم وعيهم بحجم قدرته الشعبية فإنهم يدركون تمام الإدراك أن تحقيق هذا المطلب سيعزز من رصيدهم السياسي و يعطيهم فرصة حقيقية للمساومة على خزانات شعبية كبيرة-على بعد سنة من فتح الباب للرئاسيات- ، هذه الموازنة من الطبيعي أن يركبها التيار الإسلامي أو يستغلها على الأقل كعامل لزيادة مصداقية دعوى رفض التعديلات الدستورية ، هذا التيار قادر على التحول إلى قوة شعبية كبيرة خاصة في حال استطاعت  بعض المشيخيات الصاعدة سياسيا و ذات الرصيد الشعبي في الاستمرار بتهديدها.
فيما يبد لن تكون الحكومة أمام تحدي (لا –نعم) في التعديلات الدستورية بل هي أمام قوة ستتوجه إلى الصندوق ولكن لوضع أوراق بيضاء (ليس إلا) ، كما سيظهر حلف جديد من مختلف التيارات يخدم المصالح الإسلامية واليسارية و حتى التيارات السياسية الأكثر راديكالية ، و إن كانت أقطاب التحالف البارزة الآن هي (المندى و التكتل و بعض الأحزاب المعارضة ) فان المنتدى العالمي لنصرة النبي ذو الشعبية الكبيرة و بعض التنظيمات المشابهة مضطرة إلى الوقوف مع هذه التيارات – بالرغم من الاختلاف الأيديولوجي و السياسي- ضد التعديلات الدستورية إن أرادت إثبات رسالتها الأم وهي نصرة الرسول"ص".
2 الخليفة المحتوم و الخلاف المزعوم
على ولد عبد العزيز إن أراد الخروج بطريقة "أنيقة" وآمنة سياسيا بل و تليق بحجم الانجازات التي يتحدث عنها أنصاره ،أن يحترم الدستور بكل بساطة (أي الاكتفاء بمأموريتين " ولكن هذه الأخيرة تبد محفوفة بالمخاطر خاصة بسبب الصراع البادي للعيان على خليفة ولد عبد العزيز و كذا التراجع الكبيرة للضغط الذي يمثله الحزب الحاكم ، والذي تحول إلى مؤسسة مجنحة لكل فرد من أفرادها له شعبيته الخاصة يديرها ويحرك حسب الظروف و هو ما يجعله هذه الشعبية (الخزانات الانتخابية )  غير مضمونة إن لم يحصل جميع رجالات الأغلبية على ما يريدون .
و تعد حادثة فشل اجتماع النعمة و خروج بعض المقربين للرئيس في وقت مفاجئ ، والحركة الكبيرة لشخصيات أخرى كلها مؤشرات على الارتباك الذي تعيشه الجبهة الداعمة للرئيس بسبب صعوبة الإجابة على من سيكون الرئيس القادم ؟ ، في وقت لا يخفى فيه أن الحزب الحاكم لم يعد (لم يكن ) المؤسسة المحددة للرئيس القادمة ، وقد وصل هذا الارتباك حتى إلى مدراء الصالونات الاجتماعية التي تتصرف على  [طريقة تبركوا من كل مكان عسى أن يكون فيه السر القادم].
خليفة الرئيس يجب أن تحدد هويته ، ولكن يجب أيضا أن نعرف أن هذا الرئيس يصعب تحديد خصائصه ليس بسبب تعقيد عملية التحول السياسي في العالم الثالث فحسب بل أيضا بسبب بعض التوازنات القبلية و الاجتماعية التي تعني اجتثاثا تاما و كاملا في حال كان الرئيس القادم من خارج الصدوق (على الطريقة الروسية ) ، و هي خصائص يصعب وجودها إلا في أفراد و جماعات بعينها و حتى إن كان دخول هذه القصر الرمادي يعني نهاية مرحلة من تاريخ الجمهورية وبداية عصر جديد بالرغم من ... (سهولة عودة حليمة لعاداتها القديمة ).
قد يكون أصحاب المصالح الآنية و المطالب الملحة هم أكثر من سيستفيد من التعديلات الدستورية – ن استطاعوا الانتظام في تحالف واحد - ، إلا أن فئات أخرى تعيش على دخل يومي ومهما كان قدره تكون أي انتخابات ومهما كان مضمونها فرصة لهم لتحقيق بعض الكسب المادي ، فالفقراء كما هو معلوم ليس لديهم الوقت لاختيار البرامج الأحسن ،لان المراجل الفارغة تريد أي شيء ولكن الآن.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وقفة مع رواية الأستاذ الشيخ نوح "أدباي"

لقبيلة في تجليّاتها المُختلفة.......عبد الودود ولد الشيخ

سياسات التشغيل في موريتانيا و دورها في الحد من البطالة