علاقة الحكم الرئشيد

محاور العرض:
-        مقدمة                                                                                                                المطلب الأول: تحديد المفاهيم                                                                                 الفرع الأول: مفهوم الحكم الرشيد                                                                              الفرع الثاني: مفهوم التنمية المحلية                                                                       المطلب الثاني: الحكم الرشيد و التنمية المحلية(الخصائص, و الأسس العناصر)                                                                              الفرع الأول: عناصر و خصائص الحكم
الرشيد                                                                                         الفرع الثاني: خصائص و عناصر التنمية المحلية                                                                                                                             المطلب الثالث: نموذج لتطبيق الحكم الرشيد في أقاليم محلية
-                خاتمة





المقدمة
يحظى مفهوم الحكم الرشيد في التقارير الدولية, لا سيما تلك الصادرة عن البنك الدولي و الأمم المتحدة بالكثير من الاهتمام, الذي يعكس في المقام الأول المصلحة و كذلك المسؤليات التي تنتظر من هذا المفهوم.                                                                                                                                   و في اطار ما حددته الأمم المتحدة من أهداف للألفية الثالثة تتمثل في التمكين للفئات الهشة, و فسح المجال أمام كافة المواطنين للمشاركة في تنمية مجتمعاتهم, فإنه تبرز أمامنا علاقة جديدة بين الحكم الرشيد كآلية و نظام إداري و بين التنمية المحلية كوسيلة للتمكين و خلق واقع أفضل غير أن هذه العلاقة القائمة بين طرفي المعادلة  تبعث على طرح العديد من الأسئلة حول طبيعة الخصائص التي يتميز بها كل من المفهومين و كذلك عن مدى التقابل و التضاد بينهما, و يجدر بالذكر أنه للإجابة على هذه الأسئلة قد توافرت مؤخرا أرضية أدبية و علمية لا بأس بها سعت في أغلبها إلى تقديم إجابات تفسيرية و استشرافية.                                                                                         و ظلت هذه الإجابات تتأرجح بين من يعلي من قيمة العوامل الاقتصادية التي يوفرها الحكم الرشيد(الشفافية, المساءلة...), و بين من يعلي من قيمة الضوابط القانونية التي يشتمل عليها الحكم الرشيد(الرقابة, المحاسبة...), و على هذه الأرضية التي يطبعها الاختلاف يحاول هذا العرض أن يقف ليوفر إجابة عن سؤال هام و محوري هو:((ما علاقة الحكم الرشيد بالتنمية المحلية؟).    







Ø         المطلب الأول: تحديد المفاهيم
الفرع الأول: مفهوم الحكم الراشد
لقد تعاظم الاهتمام بالحكم الراشد أو ما يصطلح عليه البعض بالحوكمة، في العديد من الاقتصاديات المتقدمة، والناشئة خلال العقود القليلة الماضية، وخاصة في أعقاب الانهيارات الاقتصادية، والأزمات المالية التي شهدها عدد من دول شرق آسيا ، وأمريكا اللاتينية، وروسيا في عقد التسعينات من القرن العشرين،[1] و في هذا السياق فقد شهد مصطلح الحكم الراشد استخداما واسعا من طرف الدول والمؤسسات الدولية، كإطار فعال لمواجهة التحديات التي تواجه الدول والمجتمعات، في ظل عجز مختلف أساليب الحكم، وفشل الأنماط التقليدية في إدارة شؤون الدولة والمجتمع، والتي أثبتت عجزها عن تحقيق تنمية بشرية مستدامة. 
و تمثل الإشارة إلى أن الاقبال الواسع على استخدام هذا المصطلح كان له بالغ الأثر في خلق تعددية عميقة في فهم المصطلح أولا, و فهم دوره و اعماله ثانيا, و لعل من بين التعريفات العديدة المقدمة للحكم الراشد هو ما جاء به برنامج الأمم المتحدة الإنمائي:(( هو ممارسة السلطات الاقتصادية والسياسية والإدارية,  لإدارة شؤون المجتمع على كافة المستويات، يرتكز على آليات وميكانيزمات وعمليات ومؤسسات تسمح للمواطنين والجماعات بالتعبير عن المصالح وتسوية النزاعات، وكذا الحصول على حقوق و القيام بالتزامات))[2]                        و بينما تعرفه لجنة الحكم العالمي بأنه:(( هو مجموع الطرق والأساليب المشتركة بين الدولة والمواطنين والخواص من اجل تسيير شؤونهم المشتركة بطريقة مستمرة على أساس من التعاون والتوفيق بين المصالح المتفق و/أو المختلف عليها...من أجل الخير العام))[3] نجد أن التعريف الذي قدمه ''François xavier Merrien  يقتصر على جعل الحكم الراشد:(( شكلا جديدا من التسيير الفعال والمشترك بين الإدارة العامة والخواص وتجمعات المواطنين، من اجل تحسين الفعل الحكومي عبر تقاسم المسؤوليات))[4],  و يعني المفهوم وفقا للبنك الدولي ((نوع العلاقة بين الحكومة و المواطنين و ليس مجرد التركيز على فعالية المؤسسات المتعلقة بإدارة شؤون الدولة و المجتمع))[5]                                                                                   مما تقدم يمكن تقديم تعريف للحكم الراشد:(( هو مجموع الهياكل (البنى) , والوظائف ( المسؤوليات) , والعمليات (الممارسات) التي تعنى بإدارة وتسيير الموارد الاقتصادية والاجتماعية والبشرية لهدف التنمية الإنسانية المستدامة، على أساس من التعاون والتوافق والانسجام بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والمواطنين من أجل تسيير شؤونهم المشتركة لتحقيق الرضا العام مستندة في ذلك على معايير الكفاءة والفعالية و التمكين، بما يحقق الأمن الإنساني ببعده الشامل))[6]
الفرع الثاني: مفهوم التنمية المحلية
التنمية لغة تعني الرعاية المبذولة من أجل تحقيق اكتمال أطوار نمو الشيء, و بلوغ كماله. و هي لا تبتعد عن هذا المعنى في اللغات الأخرى كالفرنسية و الإنجليزية. إذ تعرف على أنها عملية تراكمية متواصلة و متحكم فيها اجتماعيا لنمو قوى الإنتاج. و  التنمية مهما اختفت تعاريفها فهى عملية ترمى إلى إحداث التغير في المجتمع من حالة إلى أخرى، ومن الصعوبة الاعتماد على تعريف واحد للتنمية، فقد يتناول جانبا واحدا، أو عدة جوانب من التنمية دون البعض الآخر.[7] لكن بشكل عام ((ينظر للتنمية على أنها هي التفاعل بين الناس و الموارد الطبيعية المتاحة لهم, أي استغلال الناس لمواردهم الطبيعية))[8] و لقد عرفت التنمية المحلية بتعاريف عديدة من ضمنها أنها((العملية التي بواسطتها يمكن تحقيق التعاون الفعال بين الجهود الشعبية _والحكومية للارتقاء بمستويات التجمعات المحلية والوحدات المحلية اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وحضاريا من منظور تحسين نوعية الحياة لسكان التجمعات المحلية في أي مستوى من مستويات الإدارة المحلية في منظومة شاملة ومتكاملة)) كما وتعرف أيضا بكونها(( عملية التغيير التي تتم في إطار سياسة عامة محلية تعبر عن احتياجات الوحدات المحلية وذلك من خلال القيادات المحلية القادرة على استخدام واستغلال الموارد المحلية وإقناع المواطنين المحليين بالمشاركة الشعبية والاستفادة من الدعم المادي والمعنوي الحكومي وصولا إلي رفع مستوى المعيشة لكل أفراد الوحدات المحلية ودمج جميع الوحدات في الدولة)) وقد عرفتها هيئة الأمم المتحدة 1955((بأنها العملية المرسومة لتقدم المجتمع جميعه اقتصاديا واجتماعيا اعتمادا على اشتراك المجتمع المحلي ومبادأته، ثم عرفتها عام 1956 تعريفا أخر مؤداه أنها العمليات التي يمكن بها توحيد جهود المواطنين والحكومة لتحسين الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لأفراد المجتمع، والمساعدة على اندماجهم في حياة الأمة في المساهمة في تقدمها بأقصى قدر، مستطاع))[9] وهناك من يعرفها بأنها(( حركة تهدف إلى تحسين الأحوال المعيشية للمجتمع في مجمله على أساس المشاركة الايجابية لهذا المجتمع وبناء على مبادرة المجتمع أن أمكن ذلك))[10] و تعرف أيضا بأنها:((هي العملية المجتمعية الواعية الموجهة نحو إيجاد تحولات في البناء الاقتصادي و الاجتماعي، وتكون قادرة على تنمية إنتاجية المجتمع مدعمة ذاتياً تؤدي إلى تحقيق زيادة منتظمة في متوسط الدخل الحقيقي للفرد على المدى المنظور))[11]











Ø      المطلب الثاني: الحكم الرشيد و التنمية المحلية (الخصائص, الآليات, العناصر)
الفرع الأول: خصائص و آليات الحكم الرشيد
في إطار تجسيد فلسفة الحكم الرشيد، لا بد من اتفاق يتضمن التزاما تفصيليا لملاحظة مبادئه، و الحكم الرشيد يتضمن دوما العناصر الأساسية التالية:
-         التركيز على الإنسان
-         -2 الإنصاف والعدل
-         -3 المسؤولية الفردية
-         -4 المسؤولية الجماعية
-         -5 الشفافية والاستشارة
-         -6 المشاركة في اتخاذ القرار
-   -7 التسيير الفعال والناجع والمؤكد للأعمال العمومية.[12]  

كما أسست المنظمات العالمية النشطة في مجال تقييم الدول على أساس قوتها من ضعفها، مجموعة من الاليات يكاد ينعقد عليها الاجماع من أجل قياس مدى فاعلية الحكم الرشيد في أي منطقة من المعالم, و لقد جاءت هذه الاليات كما الآتي:
1-   المشاركة: وتعني حق الرجل والمرأة معا في إبداء الرأي في المجالس المنتخبة محليا و وطنيا، ويتطلب عنصر المشاركة توفر حرية تشكيل الجمعيات والأحزاب والحريات العامة والانتخاب، والهدف من كل هذا هو السماح للمواطنين بالتعبير عن أرائهم واهتماماتهم لترسيخ الشرعية.
2-   حكم القانون:  ويعني سيادة القانون كأدا ة لتوجيه سلوك الأفراد نحو الحياة السياسية بهدف منع تعارض مهام المسؤولين فيما بينهم وبين المواطنين من جهة أخرى ووضوح القوانين وانسجامها في التطبيق. وأكثر من ذلك فهو يعني استقلال الهيئة القضائية عن الهيئتين التنفيذية والتشريعي ة، ومن جراء ذلك عند تحقيق هذه الآلية تؤمن هذه القواعد وبالتالي يرتقي درجة المواطنة إلى مفهوم المساواة بين المواطنين.

3-            الشفافية:  وتعني فسح المجال أما المواطنين با لتعرف على المعلومات الضرورية التي تهم شؤون حياته، مثل حق المواطن في الإعلام ومشاركة المواطنين ومساهمتهم في رقابة المجالس الشعبية والوطنية والمحلية في الإطلاع على محاضر الجلسات التي تعقد دوريا في مجالسهم، والهدف من وراء ذلك هو
العمل على مشاركة المواطنين في إبداء الآراء على المهام.

4-    المحاسبة: تتطلب المحاسبة أو المساءلة القدرة على محاسبة المسؤولين عن إداراتهم للموارد العامة وعن المهام الموكلة إليهم وعن النتائج المتوصل إليها ضمن مسارهم الوظيفي وعن المسؤوليات والمهام الملقاة على عاتقهم، والهدف من المساءلة هو محاسبة المسؤولين عن الأموال العمومية زيادة على حماية الأموال العمومية من العبث الذي قد يطال هذه الأموال وبالتالي الحد من الانتهاكات التي قد تحدث من حين لآخر[13]

الفرع الثاني: خصائص و آليات التنمية المحلية
تقوم التنمية المحلية على مجموعة من الخصائص, كما تستند على مجموعة من الآليات التي من شأنها المساعدة في تحقيق الأهداف و الخطط المرسومة, و يمكن القول بأن الخصائص و الآليات التي تتميز بها التنمية المحلية في مجملها خصائص غير ثابتة, إذ أنها تتبدل من اتجاه إلى آخر, و من حقبة زمنية إلى أخرى, و يمكن اجمال مجموع الخصائص و الآليات التي اتفق حولها المفكرون و المؤسسات الدولية فقي النقاط التالية:
-         التعاون اللامركزي بين الجماعات المحلية                                                                          ويقصد بالتعاون اللامركزي جميع أشكال التعاون والشراكة والتبادل التي تقوم بها الجماعات المحلية فيما بينها أو مع شركاء آخرين خاضعين سواء للقانون العام أو الخاص، أو مع جماعات ترابية أجنبية والمنظمات المهتمة بالشأن المحلي.
-         المبادرات الفردية و الجماعية                                                                                                                    و التي تعني اتخاذ المواطن المحلي القرار بإنشاء مشاريع استثمارية تعمل على تأمين حاجياته, و تضمن اشراك غيره في عملية الاستثمار.
-         الاستغلال الأمثل                                                                                                                                                      و هي عملية تشمل كل الموارد و الطاقات الموجودة في مختلف المناطق و الجهات بصفة ناجعة دون اسراف أو تبذير تبعا لمتطلبات التنمية المحلية
-         الحياة السياسية للجهة                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                             لا بد من تمكين الجهات من حياة سياسية تضمن الديمقراطية المحلية على عدة مستويات و تمثل في الوقت نفسه سلطة مضادة تعدل نزعة التركز و الانفراد بالسلطة, و هذه الديمقراطية يمكن أن تكون على مستوى البلدية و المعتمدية و الولاية و كذلك الجهة.
-         التنوع الجهوي                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                              تعني اتسام الأنشطة الاقتصادية بحد أدنى من التنوع يضمن التكامل و الندماج الداخلي لمختلف مناطق الجهة [14]












Ø      المطلب الثالث: نموذج لتطبيق الحكم الرشيد في بعض الأقاليم المحلية
معطيات عامة عن بعض بلديات ولاية العصابة
تقع البلديات المدروسة بولاية لعصابة بالجزء الجنوبي من موريتانيا، ويقطن بها 139843 نسمة حسب إحصاء سنة 2000 ، تتوزع حسب  بلديات كيفه وكنكوصه على التوالي 76779 نسمة، 63064 نسمة. وتعتمد هذه البلديات في اقتصادها على الأنشطة الرعوية والزراعية والتجارية، كما تعد من بين البلديات الأكثر فقرا على الصعيد الوطني في ميدان التنمية البشرية، فقد سجل معدل الفقر على مستوى مقاطعتي كيفه وكنكوصه على التوالي 39.4% و73%   وتقدر نسبة الأمية على التوالي49.3  %و 67.1%.هذه  الوضعية تفرض على البلديات، وضع مخططات تنموية فعالة من أجل تحسين المستوى المعيشي للمواطنين.
صلاحيات البلديات:
و تشمل النقاط التالية:  
    1- صيانة الطرق.
    2- بناء وصيانة المنشئات المدرسية للتعليم الأساسي
    3- بناء وصيانة المنشئات الصحية، ومراكز الأمومة والطفولة.
    4- توفير المياه والإنارة العمومية.
    5- النقل الحضري والصحي والمدرسي، ومكافحة الحرائق والصحة الوقائية.
    6- إزالة الأوساخ وتنظيم الأسواق والمذابح.
    7- بناء وصيانة المنشئات الرياضية والثقافية.
    8- المروج والحدائق.
 9- الاستصلاح والتسيير المنظم للقطع الأرضية التي تقتطعها الدولة للبلدية .
يبدو جليا مما سبق أن المشرع الموريتاني لم يفصل بين البلديات الريفية والحضرية فالكل يمارس نفس الاختصاصات القانونية،  وهنا لا شك أن المشرع غابت عنه فكرة تباين الفوارق الديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية الموجودة فيما بين البلديات [15]  .
 معطيات للمجلس البلدي المنتخب في كيفة
 لم تتمكن الانتخابات التي عرفتها موريتانيا سنة 2006 أن تفرز هيئة منتخبة تتوفر على مؤهلات ثقافية لها أهميتها في تدبير الشأن المحلي. فمثلا تتوزع المستويات التعليمية لدى المجلس البلدي لبلدية كيفه والمكون من 21 مستشارا بلديا على النحو التالي: نسبة (9.5%) منه هي التي تتوفر على مستوى تعليم عالي، ونسبة (49.9%) تتوفر على مستوى التعليم الثانوي، بينما يوجد (28.6%) بمستوى لا يتجاوز التعليم الابتدائي، ونسبة (314.%) تتوفر على مستوى محظري، ونسبة (4.7%) بدون مستوى ثقافي.
والاكيد ان توفر عنصر المعرفة لدى المستشار البلدي، أصبح مع تشعب مشاكل الشأن العام المحلي ضروريا لتجاوز العديد من المشاكل التي يفرضها العمل الجماعي .
إن ضعف المستويات الثقافية للمجالس البلدية تعود لأسباب عدة يمكن إجمالها فيما يلي
  • عدم اشتراط  المشرع الموريتاني لضرورة توفر مستوى ثقافي معين يحدد قابلية الانتخاب؛
  • عدم اهتمام الأحزاب والهيئات السياسة بالمستوى الثقافي لمن تقدمهم كمرشحين عن أحزابها؛ 
  • غياب برامج تهتم بالتكوين والتكوين المستمر لفائدة المجالس البلدية؛
انعدام أجهزة و ومعاهد لتكوين المنتخبين المحلين؛




جدول توزيع أعضاء المجلس البلدي لبلديات كل من كيفه واغورط وكنكوصه حسب المستوى الثقافي[16]
بلدية كيفه
المستوى الثقافي
بدون
محظري
ابتدائي
ثانوي
عالي
المجموع
العدد
1
3
6
9
2
21
%
4.7
14.3
28.6
42.9
9.5
100
بلدية اغورط
العدد
8
7
3
1
0
19
%
42.1
36.8
15.8
5.3
0
100
بلدية كنكوصه
العدد
7
6
2
4
0
19
%
36.8
31.6
10.5
21.1
0
100
المصدر:مقابلة مع عمدة كيفه( البحث الميداني 2011)

تفاوت كبير في الموارد المالية بين البلديات :       
عرفت جل البلديات  خلال السنوات الأخير تطورا مهما في ميزانياتها، إلا أن هذا التطور لم يمكن هذه البلديات من الحصول على ميزانية تتماشى والتحديات المطروحة لها. كما أن هذا  التطور لم يسلم من التراجع في بعض السنوات، والذي يعود في كثير منه إلى عوامل خارجية مثل تدخل بعض المشاريع الدولية والمنظمات الأجنبية التي ضخت أموالا كبيرة في البلديات خلال العقد المنصرم، وهو ما يعكس ضعف البنية الداخلية للميزانيات البلدية، و ضعف استقلالها المالي .



جدول تطور ميزانيات بعض البلديات في لعصابة  2007 - 2011


 
2007

 
2008
2009
2010
2011
 بلدية كيفه الحضرية
151.361.111
170.136.656
166.388.273
140496142
145.759.379
اغورط
25.827.107
36.764.484
32.531.056
33.221.258
28.650.951
الملكه
18.053.456
16.339.522
25.778.237
45.386.348
47.435.744
لكران
21.356.014
21.507.884
26.848.419
28.207.883
28.331.488
كورجل
6.789.123
10.316.653
8.155.055
7.069.222
7.320.222
انواملين
13.218.752
10.300.000
11.400.000
10.700.000
7.338.683
كنكوصه
20.493.070
45885522
47315316
47736342
46891766
هامد
14.582.536
43.106.751
31.534.815
44.706.791
42.453.423
بلاجميل
18.236.512
34.598.306
26.456.152
25.780.012
20.769.621
تناها
13.125.642
34.981.636
38.217.860
40.305.179
19.495.909
المصدر: الحساب الإداري للبلديات 2011. 
-        الموارد المالية  للبلديــــــات
1-  الموارد الذاتية لميزانية البلديات
تتجلى أهمية الموارد الذاتية للبلديات، في كونها بمثابة القاعدة الصلبة التي تضمن تمويلا جماعيا قارا يساهم في دعم دور البلديات في التنمية ، ذلك أن التمويل الذاتي يعد أحد العناصر الأساسية التي يتوقف عليها قيام الجماعات المحلية بنشاطها سواء في ميدان تغطية النفقات الاستهلاكية، أوفي ميدان إنجاز المشاريع الاستثمارية، كما تعتبر أحدى المعايير الرئيسية لقياس الاستقلال المالي الجماعي بعيدا عن كل أشكال التدخل من طرف الدولة. و تشمل مصادر متعدد فإلى جانب الضرائب والرسوم البلدية نجد مجموعة أخرى من المصادر الذاتية التي يعود دخلها إلى صندوق البلديات مثل حقوق الدومين العام والخاص والإتاوات والغرامات وغيرها من المصادر الذاتية البلدية.فمثلا فقد احتاجت بلدية اغورط إلى 1.042.400.000 أوقية  لتنفيذ مخططها التنموي 2007-2011  في حين أن مجموع مداخيل هذه البلدية خلال عمر المخطط لم تتجاوز 156.994.856 أوقية بما في ذلك ميزانيات التسيير والتجهيز [17].
2   -  المــوارد غير ذاتية لتمويل التنمية المحلية:
 تستفيد البلديات من موارد غير ذاتية  لتمويل التنمية المحلية يتم استخلاصها من طرف الدولة، هذه التمويلات هي: الصندوق الجهوي للتنمية، والمساعدات الدولية، ومن خلال رصدنا لعائدات البلديات من هذه المداخيل، تبين لنا أن التحويلات التي تأتي من الصندوق الجهوي للتنمية، وبرامج الدعم الدولي، يشكلان موردا ماليا مهما في ميزانية البلديات[18]
جدول  توزيع حصص الصندوق الجهوي للتنمية لبعض بلديات لعصابة سنة2009
 

حصة التسيير
حصة التجهيز
المجموع العام
البلديات
15%الحصة الثابتة بين جميع البلديات
20%حصة البلديات حسب مؤشر الفقر
مجموع حصة التسيير
40%حصة البلديات حسب الكثافة السكانية
15%حصة البلديات حسب نقص التجهيزات
مجموع حصة التجهيز
كنكوصه
2.083.333
3.693.812
5.777.145
5.302.534
1.110.313
6.412.847
12.189.992
ساني
2.083.333
2.975.811
5.059.144
4.271.499
665.085
4.936.584

9.995.728
هامد
2.083.333
6.955.093
9.038.426
9.983.577
5.247.947
15.231.524
24.269.950
ابلاجميل
2.083.333
4.310.041
6.393.374
6.186.689
3.627.789
9.814.178
16.207.552
تناها
2.083.333
3.079.618
5.162.951
4.427.984
3.097.016
7.524.964
12.687.915
 بلدية كيفه الحضرية
2.083.333
10.904.353
12.987.686
15.652.596
2.721.094
18373690
31.361.376
اغورط
2.083.333
4.585.334
6.668.667
6.582.357
1.399.881
7982238
14.650.905

المصدر :مديرية الجماعات المحلية 2010
جدول مساهمة مساعدات الدولة في ميزانية  بعض بلديات لعصابة في الفترة 2008- 2011
البلديات
الميزانية
2008
2009
2010
2011
 بلدية كيفه الحضرية
الميزانية العامة
170.136.656
166.388.273
140.496.142
145.759.379
مساهمة الدولة
29.235.076
31.361.376
36.379.172
34.446.893
%
17.2
22
25.5
23.6
اغورط
الميزانية العامة
36.764.484
32.531.056
33.221.258
28.650.951
مساهمة الدولة
13.663.082
14.650.905
14.650.906
16.995.051
%
37.2
43.4
44.1
59.3

 
مصدر:   الحساب الإداري للبلديات 2011
الانجازات التنموية المحدودة في بلديات الولاية
1-  في ميـــــدان التعليـــم الأساسي: 
فبلدية كيفه تمثلت انجازاتها في مجال التعليم في محاولة متواضعة لتلافي النقص الحاصل في مدارس التعليم الأساسي من حيث عدد المدارس والأقسام الدراسية والحجرات فقامت ببناء مدرسة تتكون من قسمين في كركب، وبناء أقسام تكميلية بكل من مدرسة اتويميرت ومدرسة أهل انتو ومدرسة أدباي،كما رممت مدرسة الفاروق والمدرسة رقم1ومدرسة ذو النورين بحي القديمة ومدرسة الصديق بحي آهل انتو ومدرسة المطار وذلك بتمويل مشترك فيما بينها ومنظمة الرؤية العالمية تجاوز 12 ملايين أوقية، كما وفرت البلدية في مجال التجهيز بالتعاون مع برنامج لعصابة عددا من المقاعد والطاولات تم توزيعه على مدارس البلدية، وقامت مؤخرا بتجهيز مقر لرابطة أباء التلاميذ ووضع مخصص مالي شهري لرئيسها. 
أما على مستوى البلديات الريفية فقد تمثلت انجازات بلدية اغورط  مثلا في بناء مدرسة بقرية لخذيرات وترميم 10 فصول سنة 2010 وتجهيز مدرسة اغورط وتزويد مدارس الرشيد ولخذيرات والشفاء واغورط بالماء .
2-  في ميـــدان الصحـة العمومية:
ففيما يتعلق ببلدية كيفه الحضرية كانت انجازاتها في مجال الصحة قد شملت بناء وتجهيز عدة نقاط صحية في أحياء أدباي، اقليك ولد سلمه، صونادير، سكطار، ثم نقطتين صحيتين في قرى أمصب الطلحايه وأم أشقاق، كما عملت على تجهيز مركز الأمومة والطفولة بحي الجديدة،وتمكنت بالتعاون مع منظمة الرؤية العالمية من توفير سيارة إسعاف رباعية الدفع واكتتاب 6 أفراد من بينهم سائق لهذه السيارة.
وعلى مستوى البلديات الريفية كانت بلدية أغورط قد عملت على بناء أعرشة بمحاذاة البعض من النقاط الصحية وخصوصا تلك الواقعة على طريق الأمل من اجل أن يتوفر المريض وذويه على مكان يستريحون فيه خارج النقطة الصحية، كما عملت على تزويد النقطة الصحية باغورط بالماء والطاقة وتسييجها وتوظيف 4 وكلاء صحة في أربعة نقاط صحية بقرى اغورط، لخذيرات،بوكعاره، بوكادوم، فيما تمثلت انجازات بلدية كورجل في بناء نقطة صحية بالقرية المركزية كورجل بمبلغ 14 مليون أوقية وذلك بالتعاون مع التعاون الفرنسي ومشروع تثمين مبادرات النمو الجهوي العادل .
3-  في ميـــدان الإنارة العمــوميــة:
 تعتبر جهود البلديات في مجالات الماء والكهرباء جهود ضعيفة جدا وتكميلية فقط حيث أن جميع أعمالهما مرتبطة بكل من المؤسسة الوطنية للماء (S.N.D.E) والشركة الوطنية للكهرباء (صونلك) وهي مسألة تنسحب على عموم التراب الوطني، إلا انه حسب التحريات الميدانية التي أجريناها تم الاطلاع على أن ثمة جهود طفيفة تم بذلها من طرف البلديات المدروسة في مجال توفير الماء بشكل خاص. أما الطاقة الكهربائية التي يقتصر وجودها على بلدية كيفه الحضرية فان مسؤولية توفيرها أولا وتوسيع شبكاتها لاحقا ظلت مختصرة على الشركة الوطنية للكهرباء.
4-           في ميـــدان مياه الشــــرب:                                                               خلال العام 2007 عملت بلدية كيفه الحضرية على إعداد دراسة للتنقيب عن المياه بهدف إنشاء نقاط مائية في عدة قرى تقع في ضواحيها  كقرية دار ولد الطالب، أمصب الطلحاية، بطحت تزييت، وتوسعة شبكة المياه حتى تشمل أحياء القدس، الرياض بالجزء الغربي من المدينة وقد خصصت لذلك مبلغ 945 ألف أوقية، كما خصصت مبلغ 4 ملايين أوقية لحفر بئر سبرية (sondage) في قرية أكن أردانة وحفر عدة آبار بقرى أكن أهل نوح، الزمالة، لكريفه، زينت المشرع.
أما على مستوى البلديات فقد عملت بلدية أقورط حسب السلطات البلدية على إنشاء آبار  بكل من قرى أجمه، أفام لخذيرات، الرشيد، بالإضافة إلى ترميمات بسيطة في أماكن متفرقة من البلدية.وبالمقابل تمثلت انجازات بلدية انواملين في هذا الميدان في تقديم مساهمة رمزية في حفر 8 آبار، وإنشاء شبكتين مائيتين إحداهما بقرية انواملين المركزية، والأخرى بقرية تيسان تم تمويلهما من طرف الدولة والاتحاد الأوروبي2008 وذلك بغلاف مالي بلغ 137 مليون أوقية،
5-           في ميـــدان النقــل والطــرق:
تعاني البلديات من نقص الطرق السالكة وصعوبة الحركة خلال فصل الخريف، مما يستدعي ترميم  الطرق وبناء الجسور خاصة بين مناطق الأودية لجعلها سالكة خلال هذا الفصل من السنة ولا يوجد أي دور للبلديات الريفية في مجال النقل والطرق باستثناء بلدية لقران التي ساهمت في فك العزلة عن عدة قرى بهضبة لعصابه عبر تمهيد معبر ارارش، أما بلدية كيفه الحضرية فقد كانت لها محاولات محدودة في هذا المجال تمثلت في المساهمة بنسبة 15% في بناء الجسر الطرقي الرابط فيما بين مركز المدينة وحي المطار سنة 2006 ثم إنشاء مرآب مجهز 2008 يحتوى على مطعم وخزان ومكان لإيداع البضائع بحي اتوميرت في الجزء الشرقي من المدينة لكنه .
6- في ميـــــدان النظافــة والتطهــير:
فقد قامت بلدية كيفه بتخصيص مبلغ ثلاثة ملايين أوقية من ميزانيتها لسنة 2007 لشراء قطعتين أرضيتين لرمي الأوساخ. هاتين القطعتين يتم فيهما رمي الأوساخ كمحطات أولية على أن يتم نقلها في مرحلة لاحقة إلى المكب الرئيسي الذي يوجد على بعد عدة كيلومترات من المدينة في جنوبها الغربي. وبتمويل من التعاون الألماني توفرت بلدية كيفه على عربات وشاحنات لنقل الأوساخ بعد أن كانت في السابق لا تملك أية وسيلة لذلك، وكانت تقوم بتأجير شاحنات خصوصية بعد أن تتكدس القمامات اثر عمليات الجمع الأولية، فيما لا اثر للنظافة في البلديات الريفية و أظهره المسح الوطني حول الظروف المعيشية 2008 الذي بين أن معدل الأسر التي تستفيد من خدمة النظافة لا تتجاوز 1.66% بولاية لعصابه مقابل 21.77% على المستوى الوطني .
7- الأنشطة المدرة لدخل:
 تعمل البلديات على زيادة وتنويع الأنشطة المدرة للدخل، عبر إنشاء نقاط لبيع غاز البوتان لمحاربة استخدام الأخشاب للتدفئة ، كما تقوم بمنح تمويلات لخلق حوانيت جماعية ، و بنوك ومطاحن للحبوب. فقد بنت البلدية كيفه الحضرية لصالح الجزارين ثلاث نقاط  لذبح المواشي في كل من  حي القديمة – حي النزاهة –  حي سقطار. كما تم دعم العديد من التعاونيات النسوية الناشطة في مجال زراعة الخضروات.


















الخاتمة
نستنتج في نهاية هذا العرض أن:
1-    ان الحكم الرشيد يمثل الدعامة الأساسية لتحقيق التنمية المحلية, لأنه يوفر من المبادئ ما يفسح المجال امام أي مبادرة جماعية لتحسين الأوضاع الاقتصادية للجماعة المحلية.
2-    أن مبدأ المشاركة في الحكم المحلي ينسجم إلى حد كبير مع فكرة وجود حياة سياسية في الأقاليم المحلية, كما يضمن اشراك المواطن المحلي في رسم استراتيجية التنمية.
3-    أن مبدئي حكم القانون و الشفافية في الحكم الرشيد, يخدمان مبدأ الاستثمار و العدالة اللذين تسعى التنمية المحلية لتحقيقهما.
4-    ان جعل الانسان محور الاهتمام الأول في الحكم الرشيد, يتوافق مع ضرورة الجمع بين الجهود الحكومية و الموارد البشرية من أجل التنمية المحلية.













[1]  الحكم الراشد, رياض عشوش, مجدي نويري, بن البار سعد, جامعة محمد خيضر, كلية العلوم الاقتصادية و علوم التسيير, 2007-2008, ص2.
[2]  دور المؤسسات الدولية في ترشيد الحكم المحلي, خلاف وليد, رسالة ماجستير, جامعة منتوري, كلية الحقوق, 2009, 2010, ص25.
[3]  نفس المصدر, ص 40.
[4]  نفس المصدر, ص 24
[5]  د. بومدين طاشمة, الحكم الراشد و مشكلة بناء قدرات الإدارة المحلية في الجزائر, التواصل, عدد 26, جوان 2010, ص 30.
[6]  نفس المصدر, ص 27
[7]   د. ثروت محمد شلبي, تنمية اجتماعية, جامعة بنها, كلية الآداب, ص 12
[8]  د. طلعت مصطفى السروجي, التنمية الاجتماعية المثال و الواقع, نشر و توزيع الكتاب الجامعي, 2001, ص 16.
[9]  نويصر بلقاسم, التنمية و التغير في نسق القيم الاجتماعية, رسالة دكتوراه, جامعة منتوري, قسنطينة, كلية العلوم الاجتماعية و العلوم الإنسانية,2010-2011, ص 15.   
[10]  د.ناجي عبد النور, نحو تفعيل دورالإدارة المحلية(الحكم المحلي) الجزائرية لتحقيق التنمية الشاملة, جامعة عنابة, قسم العلوم السياسية, الجزائر, ص5.
[11]  ياسر حسن خليل الأشقر, دور إدارة المدرسة الثانوية في تنمية المجتمع المحلي بمحافظات غزة وسبل تطويره, رسالة ماجستير, الجامعة الإسلامية, كلية التربية, غزة, 2003, ص11

[12] الحكم الراشد, رياض عشوش, مجدي نويري, بن البار سعد, جامعة محمد خيضر, كلية العلوم الاقتصادية و علوم التسيير, 2007-2008, ص12.
[13]  اشكالية التنمية و الحكم الراشد في الجزائر, محمد خليفة, جامعة جيجل
[14]  من إشكاليات التنمية الجهوية و المحلية, عمر بالهادي, جامعة تونس, كلية العلوم الإنسانية و الاجتماعية,2011, دار الشباب, المنزه, ص14(بتصرف).
[15]   محمد محمود ولد المصطفى -  البلديات ودورها في التنمية المحلية بولاية لعصابه الموريتانية " بلديات كيفه وكنكوصه نموذجا- باحث على مستوى الدكتوراه  - مختبر الدراسات والأبحاث في التنمية الترابية/ المغرب
[16]  نفس المرجع
[17]    نفس المرجع
[18]   الجمهورية الإسلامية الموريتانية" ملامح الفقر في موريتانيا سنة 2008" 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سياسات التشغيل في موريتانيا و دورها في الحد من البطالة

وقفة مع رواية الأستاذ الشيخ نوح "أدباي"

في السياسة ...