الديمقراطية ذات الصندوقين

(الجياع لا يمارسون الديمقراطية لأنها عملية ترف) و( الناس لا يريدون أن يموتوا وهم  جوعى )
هذه في المقولات في الحقيقة تنطبق على الواقع السياسي الموريتاني الدولة تريد أن يمارس الناس الديمقراطية بكل نزاهة وشفافية ولكن الناس لا تعرف معنى هتين الكلمتين لان ما يهمهم هو لقمة العيش وبالتالي يصنعون من الموسم الانتخابي موسما اقتصاديا بامتياز.
حقيقة في بلدي التي أحبها تمارس الديمقراطية في صندوقين احدهما أولي "البطون" (سأشرح كيف) والأخر ثانوي صندوق الاقتراع (وهذا قصته معروفة ) , بالنسبة للصندوق الأولي فإنه هو الذي يحدد  طبيعة التصويت في الثانوي لذالك اتجه السياسيون إلى هذا الصندوق الفارغ بانتظار أيام الحملة الانتخابية فيركز علية أصحاب المكاتب المركزية والفرعية في الحملات و يملأونه ما استطاعوا بالنقود و الرشاوى وأحيانا بيعا حلال يقدر من خلاله المواطن المطحون سعر بطاقة تصويته بعشرة أو خمسة ألاف أوقية (جهلا منه  بقيمة صوته الحقيقية ) بهذه العملية تكون العملية الانتخابية في الصندوق الثاني مجرد عملية شكلية لأنها ما هي إلا نتيجة حتمية لصندوق البطون (الأولي كما أسلفنا).
في الحقيقة المواطنون لا يملكون أدنى درجات المقاومة لهذا الإغراء المالي وبالتالي لا يجدون فرصة لممارسة حقهم في الديمقراطية لأنهم لم يحصلوا على حقهم في العيش الكريم ولم يصلوا مرحلة الإشباع الاقتصادي بسبب ضعف التنمية لذالك هم ينتظرون الموسم الانتخابي ليس كفرصة لممارسة الديمقراطية و إنما فرصة اقتصادية لتحقيق بعض المكاسب دونما أدنى قراءة للبرامج إما جوعا أو جهلا أو بسبب انعدام هذه البرامج , لذالك المقياس الوحيد للانتخابات هو مدى كثرة الدفق المالي فيها و تعدد رجال الأعمال والمبادرات ويقاس نجاحها بماذا جنى الأفراد ليس إلا .
ما على أي نظام فهمه أن الديمقراطية عملية ترف لا يمكن تحققها إلا إذا كان الشعب نفسه وصل إلى مرحلة معينة من التنمية الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية تخوله التفريق بين الحق والواجب وماله وما عليه اتجاه الوطن ليفهم أن التصويت واجب والصوت مسؤولية لا تقدر بثمن عليه القيام بها واحترامها على أكمل وجه لأنها واجبه اتجاه الأمة وليس نفسه فحسب .    

                                               

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سياسات التشغيل في موريتانيا و دورها في الحد من البطالة

وقفة مع رواية الأستاذ الشيخ نوح "أدباي"

في السياسة ...