شباب الحراطين و ضرورة بناء مشروع أمة
استهلال
تركت نخب الحراطين إرثا كبيرا بالرغم من اختلاف مشاريعها و توجهاتها و حتى طبيعة تعاملها مع ميراث القضية و حتى نوعية التحالفات التي عقدتها لاحقا.
شباب الحراطين الذي اعنيه ليس ضرورة المنحدر جينالوجيا من الحراطين بل المؤمنون و الداعمون لهذه القضية قد يختلف معي البعض ولكن الاتفاق ليس ضرورة "ولكن هذا لا ينسينا أن القضايا لا يهتم بها إلا أصحابها ".
---
بالرغم من اختلافي الكبير مع الميراث الذي تركته نخب الحراطين إلا أنها تركت فعلا سندا حقيقيا لبداية جديدة لعمل جاد من اجل تغيير واقع شريحة الحراطين في موريتانيا ، و هو ما يفرض على الشباب الآن العمل بشكل جاد على صياغة مشروع جديد في نضال الحراطين و تقديم رؤية أكثر نضجا و وضوحا ، من الحكمة القول إن هذا هو الوقت المناسب لهذا التحول و انه حان وقت تحرك جميع المؤمنين بهذه القضية ، سؤاء كان هذا المشروع يستلهم من تجارب سابقة كما هو حال المصالحة في إفريقيا أو مشاريع أكثر دينامية أو خصوصية سواء من خلال مؤتمر للشباب أو منتديات عصف ذهني ... إلخ من فرص العمل الجمعي المشترك ، فانه على شباب الحراطين العمل بشكل جاد على صياغة مشروع شامل لمشاكل شريحة الحراطين و مختلف تشعباتها و طموحاتها ، و بعدها رمي كرة اللهب هذه في حضن الدولة التي تشغل نفسها في مشاريع وطنية شاملة و هو ما يفرض على أصحاب المشاريع الخاصة (الحراطين ، لمعلمين ... الخ) الاهتمام بمشاريعهم و تقديمها جاهزة للدولة التي عليها التعامل مع هذه المشاريع بجدية ، إذ من غير المتوقع أن تترك الدولة كرة النار هذه تحترق ، له من المعلوم أنها لن تحترق لوحدها بل ستحرق معها أشياء أخرى ، - آخر ما أفكر فيه أن أكون منظرا لثورة خاصة مع نتائج الربيع العربي - ، هذا دون نسيان أن الدولة لم تكن في يوم من الأيام موفقة في صياغة مشاريع وطنية بتلك النجاعة أي أن الاعتماد عليها أو انتظار ردة فعها في ظل مشاكل عامة تعاني منها منذ قيامها . سيضيع الكثير من الوقت في سبيل حل جذري للمشاكل التي تعاني شريحة الحراطين و غيرها .
العمل المطلوب اليوم من شباب شريحة الحراطين هو صياغة مشروع واعي أشمل و أكثر تفصيلا بل ومتجاوزا لميثاق الحقوق السياسية و الاجتماعية للحراطين و أكثر دقة من إيرا و أجرا من مشروع الحر نجدة العبيد و أكثر واقعية و شمولية من مشروع هيئة الساحل ، و لكن المهم في هذا المشروع أن يستقي من جميع المصادر و المرجعيات و التوجهات ، و يكون النواة الأولى لليافطة التي تجتمع فيها كل القوى النضالية التي ترى أن قضية الحراطين مسألة وجب حلها بشكل سريع و شامل .
مع العلم أن هذا الدمج على مستوى الأفراد سيكون صعبا بل مستحيلا بالمنطق السياسي ، و لكن الجمع بين هذه المشاريع كرؤية عملية سهلة و سلسلة ، و فوق كل ذلك ضرورية لبناء مشروع يرى الجميع فيه نفسه .
مثل هذه المهمة على شباب الحراطين التصدي لها و القيام بها معا و التنظير و التنظيم لها على أعلى المستويات لان صياغة مشروع كبير و شامل ، يعني حتما وضع الحكومة في حرج التجاوب الفعال مع هذا المشروع و دمجه في خططها القريبة ، أو يدرك القائمون عليه أن المسالة الآن باتت تتعلق بفعل ممنهج ومقصود "وقد أثبت التاريخ البعيد منه و القريب أن جميع أنواع الدول قابلة للاستمرار إلا دولة الظلم و الحيف و الإقصاء ".
الكرة الآن ما زالت في ملعب شباب الحراطين و هم المسؤولون عن تحديد حاجاتهم وسقف مطالبهم بأنفسهم و تأسيس كتلتهم الحرجة بأنفسهم ، و صياغة مشروعهم المتكامل و بحضور الجميع من فاعلين و مهتمين و شركاء في الوطن و الوضعية ...إلخ دون أن ينسوا توفير ما استطاعوا وسائل الجمع الضرورية لبناء مشروع أمة موريتانية و الذي ينطلق حتما من مشاريع ذات رؤية و مستقبلية و تشاركية و فوق كل ذلك مؤمنة كل الإيمان بالحق في دولة المواطنة .
تعليقات
إرسال تعليق