الشيخ الحسن الوالد: من باريس إلى سيناء وصولا إلى شارل ديجول والسوخوي

http://www.raialyoum.com/?p=350481






تمثل ظاهرة داعش المبرر الجديد للإسلاموفوبيا حسب البعض و ما هي إلا امتداد لوحشية الإسلام المتطرف حسب الآخرين .

وان كان الواقع انه ليس ثمة إسلام معتل ليكون هناك إسلام متطرف( فالإسلام كله اعتدال) إلا أن مسالة الأطراف في الإسلام كانت نظرية تفتيتية صاغها الغرب و ابتلعها المسلمون بكل سذاجة  و لبسوا التصنيف على أساس انه المقاس المناسب لهم فانقسموا (يمينا ويسارا داخل الجبة الدينية الواحدة).

هذه الوحشية الداعشية عاشها العالم من إفريقيا الى الشرق الأوسط مرورا بآسيا, إلا أن العالم لم يشعر بوحشيتها  إلا بعد أن استيقظت باريس وعلى مرتين على وقع صفير إنذار دخول داعش إلى القارة العجوز و كلها في باريس وبين ضربتي باريس أسقطت طائرة روسية في سيناء “العالمية”.

وما هي إلا أيام حتى أصبحت “السوخوي” الروسية تصب حممها في ربوع سوريا,  ولم يحتج العالم إلا أيام أخر حتى احتلت البوارج الحربية الروسية  بحر قزوين و تعطل الطيار المدني في المنطقة , ثم تجلت ملامح الحرب الحقيقية بتحرك فخر الصناعة العسكرية الفرنسية “شارل ديجول” إلى شرق المتوسط وعلى متنها ستين طائرة عسكرية فرنسية .

ونتيجة هذا الحشد الأوروبي عُرفت طريق الرقة للمخابرات العالمية بعد قرابة الشهر من القصف الروسي الذي لم تصب قذيفة واحدة منه مدينة الرقة (عاصمة دولة الدولة الإسلامية “المزعومة”).

 الأسئلة المطروحة للمرحلة لماذا تأخر الغرب هكذا؟ و كيف تحولت روسيا من الشيطان الأكبر إلى الملاك الحارس للعام من الإرهاب ؟و هل نحن أمام حلف روسي مع أمريكا وحلفائها ؟. وهل كان الغرب جاد في حرب داعش قبل هجمات باريس وسيناء؟. ولما تتجاهل الولايات المتحدة الحرب الدائرة ضد داعش هكذا؟ وهل ستكرر فرنسا خطأ الولايات المتحدة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ؟ و ما هو دور تركيا و الجزيرة في هذه المرحلة خاصة بعد قيام الأولى من كراسي التفرج إلى الاشتراك في تقويض الحرب على الإرهاب (و الكلام لبوتين) واستمرار الأخرى في المواكبة ؟

من العدل القول أن داعش قد فاجأت العالم في وقت كان الكل يعتقد أنها في طور العمل الداخلي على تثبيت أركان الدولة الوليدة المترامية الأطراف, و الغرب يعتقد انه آخر أهداف التنظيم الغارق في معمعان الشرق الأوسط ,فان داعش كان أكثر وعيا بالظروف و مرونة في الحركة حيث نجح في ما فشل فيه التنظيم الأم القاعدة ” خلق حلف بين الأعداء الأوروبيين” بعدما تأكد للغرب انه ليس بأمان .

هذا التحول في أسلوب الحركات الجهادية هو ما دفع الغرب إلى التخلي عن تقاعسه عن حروب الشرق الأوسط بل و التنازل عن عقوباته على روسيا و تجاهل أزمة أوكرانيا و بالتالي تغيير النظرة إلى روسيا بشكل كلي بل بات التقارب الفرنسي الروسي يُملي التواصل بين أمريكا و روسيا ,التي تملك ثقلا استراتيجيا في المنطقة (سواء في علاقاتها بالأسد أو قواعدها الساحلية في سوريا). ثم إن هذه الحرب على الإرهاب المزعوم تضع إشكالا أكثر تعقيدا أليس ما يحدث في نيجريا و الكامرون و اختطاف مئتي طالبة من مدرسة في نيجيريا منذ العامين من طرف “بوكو حرام” إرهاب ؟ فلما لم تذهب شارل ديجول أو “السوخوي “لإيقاف القتل و التقتيل في إفريقيا بالرغم من إعلان هذه الحركة ولاءها لداعش و مبايعتها للبغدادي.

إذا فالحرب على الإرهاب هي حرب مصالح ومنافع إستراتيجية وليست حرب تحرير للمنطقة كما يروج الغرب فلو كانت كذالك لما وصلنا إلى هنا لأن (روسيا كانت فعلا في سوريا و أمريكا كانت في العراق و فرنسا كانت في الشمال الإفريقي) ومع ذالك هذه هي اكبر مصانع الجهاديين الجدد فهل من الصدفة أن يلبس هؤلاء والإرهاب و نفس اللحاف و يفترشون نفس الحصير ؟ أم أن هؤلاء مبرر ولوجود أولائك (و بالتالي الإرهاب طينة في يد رسام يفعل بها ما يشاء).

و إن كان الشعب الأمريكي بعد العراق ليس صاحب مزاج حربي فان وجود قوات من النخبة الأمريكية مع المعارضة السورية المسلحة و برنامج تدريب أمريكا لقوات من مما فضلت تسميتها بالمعارضة المعتدلة ينفي حقيقة عدم جديتها باتجاه داعش و لكن الحقيقة تقول أن المصالح الروسية في القضاء نهائيا على داعش اكبر بكثير ,فالتنظيم الذي يشمل المئات من القوقازيين و الشيشان … الخ هو تهديد حقيقي للأمن القومي لروسيا في حال رجوع كتائب كاملة للدفاع عن حقوقها في شرق أوروبا. وان كان هذا الخوف مبررا فان الروس فيما يبدو أكثر قلقا على مصير الرئيس السوري بشار الأسد الذي مثلت هجمات فرنسا و الطائرة الروسية فرصة له لينسى العالم خمس سنوات من القتل و التهجير ضد الشعب السوري الذي يمثل الآن القلق الأكبر للغرب وسواء بما يمثله من تحول اجتماعي في أوروبا و كفرصة لتمرير مجاهدين كما حدث مع فرنسا وبلجيكا.

حلف الأطلسي بالرغم من كونه صقر على الحدود التركية فلم يكن يوما ذا بال في الصراع إلا يوم قررت تركيا إسقاط طائرة روسية فهل هو تذمر تركي من احتلال واضح لمياه الشرق الأوسط المحيطة بالجمهورية التركية أم أن تركيا تقلد إيران في عدم التخلي عن الحلفاء, و إن بررت تركيا باختراق مجالها الجوي فان ردها بالتأكيد ذو دلالة اكبر بكثير .و بدى في الوقت الراهن موقف الجزيرة هو الأكثر ترثيا و فضلت المواكبة على الريادة (فهجمات باريس في عيونها “توصف بالإرهابية”و داعش “تنظيم الدولة” وسوريا “تحت القصف الروسي” و”شارل ديجول خبر هامشي “.

أطراف أخرى و جدت لها مكان على في ساحة الحرب هذه وان كان أبرزها حزب الله الذي دخل لحماية المراقد الشيعية وه اليوم يحمي الرئيس السوري الذي لم يعد بحاجة لبعث الجيش –العربي- -السوري- إلى الجنوب على اعتبار انه لم يعد عربيا صرفا بوجود كتائب إيرانية و أفغانية … و لم يعد سوريا أيضا إن أضيف إلى الأسباب السابقة وجود حزب الله اللبناني .

الساحة إذا اتضحت معالمها العالم في حرب على الإرهاب ولكن العالم اليوم أصبح روسيا و فرنسا و إيران وحزب الله و الرئيس السوري و الإرهاب هو داعش السورية و تفجيرات في أوروبا أو إسقاط طائرة تحمل ركاب غربيين أو حتى طيارين.

إن المبدأ دائما التجريم لأي ترويع للإنسان فالصدقية تفرض القول أن حرب الإرهاب و التهليل و التطبيل المرافق لها ما هو إلا ترسيخ لفوبيا الآخر المضاد و مرحلة ما بعد صراع الحضارات و دخول في صراع الاستراتيجيات و دليل أننا حقا خرجنا من الحرب الباردة إلى حرب من نوع جديد تماما.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وقفة مع رواية الأستاذ الشيخ نوح "أدباي"

لقبيلة في تجليّاتها المُختلفة.......عبد الودود ولد الشيخ

سياسات التشغيل في موريتانيا و دورها في الحد من البطالة